شمس سورية – متابعة
رصدت وزارة الثقافة السعودية في تقرير الحالة الثقافية الخامس، تحوّلات المشهد الثقافي في المملكة على مدى عام 2023.
وكشف التقرير عن ملامح عام امتاز بالعودة إلى البناء التدريجي، وترسيخ ممارسات الصون والتمكين في القطاع الثقافي، والجهود المبذولة من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظومة الثقافية بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030.
وأحصى التقرير بالأرقام، إنجازات ومبادرات على مستوى السياسات اللغوية، وأظهر زيادة ملحوظة في الإنتاج الثقافي في مختلف المجالات، وخصوصاً النشر الأدبي والإنتاج المسرحي والسينمائي والعروض الأدائية، ما يعطي مؤشراً على فاعلية الدعم والتمكين للقطاع الثقافي في السعودية.
وأبرز التقرير البناء التدريجي والمستدام للحالة الثقافية لعام 2023، ما يعكس نتائج العمل المؤسسي الذي بدأ قبل سنوات في مختلف المجالات الثقافية.
كما أوضح ، أن وزارة الثقافة استطاعت تحقيق مستهدفاتها في 5 مؤشرات و 9 مبادرات، فيما يتعلق بالمؤشرات والمبادرات المرتبطة برؤية 2030.
وفي إطار ركائزها الاستراتيجية الثلاث، حقّقت الوزارة (162) إنجازاً في ركيزة “الثقافة كنمط حياة”، و(62) إنجازاً في ركيزة “الثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية”، و (80) إنجازاً في ركيزة “الثقافة من أجل النمو الاقتصادي” بمجموع 304 إنجازاً على المستوى المحلي.
شملت الإنجازات إقامة أسبوع الأزياء للمرّة الأولى في العاصمة الرياض، كذلك دعم إنتاج 70 فيلماً سعودياً، منها 7 أفلام عالمية، وترشيح الرياض لتكون عاصمة التصميم لعام 2026.
أما على المستوى الدولي، ساهمت وزارة الثقافة في تعزيز مكانة المملكة، من خلال مشاريع مثل “روائع الأوركسترا السعودية” في نيويورك والمكسيك، وفوز منطقة عسير كأول منطقة خارج أوروبا تحصد لقب “منطقة فنون الطهي العالمية”.
كما تمّ تسجيل “عروق بني معارض” كأوّل موقع تراث طبيعي في السعودية، ضمن قائمة اليونسكو، واعتماد مبادرة “أطلس مأكولات العالم التقليدية” كمنصّة رقمية جديدة.
وبلغ عدد زوّار بينالي الفنون الإسلامية في مدينة جدة غرب المملكة (602,000) زائر، ما يعكس الإقبال الكبير على الفعاليات الثقافية.
من الناحية الاقتصادية، أسهم القطاع الثقافي في نمو الاقتصاد السعودي، بنسبة تجاوزت 20% حيث وصلت مساهمته إلى 35 مليار ريال، أي ما يعادل 1.49% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
وفي بيانات تنشر للمرّة الأولى، أشار التقرير إلى تعافي القطاع من التحديات الاستثنائية التي واجهها منذ عام 2020؛ نتيجة الجائحة، واقترابه من مستويات المساهمة التي حقّقها عام 2019، ما يؤكد سرعة التعافي.
واستعرضت النسخة الخامسة من التقرير، زيادة الإقبال على الخدمات والمنتجات الثقافية، والفرص الواعدة لتحويل المشاريع الثقافية إلى أعمال مستدامة ذات مردود عالي سريع النمو.
كما ركز التقرير على تطوير القدرات الثقافية للسعوديين، حيث عكست مؤشرات الإنتاج في النشر والترجمة السعودية مستويات متفاوتة خلال عام 2023.
و رصد تراجعاً في نشاط النشر الأدبي المحلي، وانخفاضاً لمعدلات النشر الأدبي للمؤلفين السعوديين، وصل إلى أدنى مستوياته منذ عام 2019، في حين بلغت نسبة النشر الخارجي للمؤلفين السعوديين 22% من إجمالي النشر الأدبي للعام الحالي.
في مجال البحث والنشر العلمي، شهد عام 2023 أعلى معدلات نشر بحثي في الحقول الثقافية خلال السنوات الأربع الماضية، إذ نُشر 405 بحثاً، 82% منها من إنتاج باحثين وباحثات ينتسبون إلى الجامعات ومؤسسات داخل المملكة، ونشرت غالبيتها في المجلات العلمية الصادرة عن الجامعات السعودية.
في حين جاء معظم الإسهام البحثي الدولي في المجلات العلمية الصادرة عن المراكز البحثية والمؤسسات السعودية بنسبة 36%، كذلك مع إسهامات الباحثين المستقلين التي بلغت 7%، في حين سجّلت مبادرة “ترجم” إحدى مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة، أعلى نسبة نمو منذ انطلاقها، بلغت 74% مع زيادة في عدد دور النشر المشاركة في العام الماضي.
كما أورد التقرير عدداً من التحديات التي تتطلب جهوداً مستمرة لمعالجتها، أبرزها تحقيق التوازن بين الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ابتداءً من تحديات المركزية الجغرافية وضعف التوازن في توزيع الأنشطة الثقافية، مروراً بمدى قدرة القطاع الثقافي على أن يكون مساحة لجميع الفئات الاجتماعية بشكل متكافئ، فضلاً عن البعد الاقتصادي الذي لا يزال بحاجة إلى استكمال توفير البيئة التنظيمية لتشجيع الاستثمار فيه.
وأوضح أن أحد أبرز التحديات البيئية التي تواجه القطاع، هي حماية وصون التراث الثقافي والطبيعي، في ظل التغيرات البيئية والمناخية، داعياً إلى اتخاذ خطوات استباقية لحماية المواقع التراثية ذات القيمة الثقافية والتاريخية.